القيم تعريفها وأهميتها في التعليم

تعدّ القيم إحدى الركائز الرئيسية التي تقوم عليها الحضارات؛ حيث إنها تُعزّز المسؤولية بين الفرد والمجتمع بأن تكون تبادلية تضامنية متوازنة، تحفظ للجماعة مصلحتها وقوة تماسكها، وللفرد تماسُكه وحريته.

القيم هي أكثر نظام يخاطب السلوك الإنساني ككائن اجتماعي، وتحدِّد أهدافه ومُثلَه العليا ومبادئه الثابتة لضمان ممارسة حياة اجتماعية سليمة.

  1. ما تعريف القيم
  2. أهمية القيم في حياة الفرد والمجتمع
  3. دور المعلم في تعليم القيم

تعريف القيم

القيم: يعرفها « الصمدي » بأنها معايير عقلية من حيث كونها مبنية على فكر واقتناع وليس على الإجبار والقهر، وهي وجدانية باعتبار المحل فتتغذى منه فيتحفز إليها الإنسان بوجدانه، والقيم تمكن صاحبها من الاختيار الواعي لنشاط إنساني بإرادة حرة لأنها موجه ذاتي يدفع الإنسان إلى المبادرة دون الحاجة إلى إملاءات وتوجيهات خارجية تفرض سلوكيات وتوجهات معينة، ويكون هذا السلوك المختار متكرّرًا لأنه بالقيم يصبح عادةً وجِبلّة، وتكون القيم موجهة لاختيارات على غيرها؛ لأنها تمكن صاحبها من ترتيب الأولويات وترجيح المصالح، وتكون القيم مصدر سعادة وتضحية؛ لأنها تُشكّل قمة الاقتناع وتدفع الإنسان إلى النظر في المصلحة العامة، ولو على حساب مصالحه الذاتية.

بعبارة أخرى، القيم هي عنصر أساسي في بناء شخصية الفرد وتؤثر بشكل مباشر على القرارات التي يتخذها وسلوكه المتبع في التعامل مع التجارب الحياتية التي يخوضها، والطريقة التي يختارها للتفاعل مع الناس من حوله، وقدرته على المساهمة في بناء المجتمع الذي يعيش فيه ورُقِيّه. وتكون دائماً بتوجيه من وعي الفرد بنفسه وتحكيم عقله وترجيح خياراته.

أهمية القيم في حياة الفرد والمجتمع

تكمن أهمية القيم في قدرتها على بناء شخصية متوازنة ومستقلة قادرة على التأثير الإيجابي في المجتمع، فمن خصائصها قابليتها على التكوّن لدى الفرد والمجتمع من خلال التفاعل بين المواقف واكتساب الخبرات من التجارب الحياتية المتنوعة، بحيث تمكن الفرد من اختيار أهداف وتوجهات لحياته تتفق مع إمكانياته، وتساعده على تقوية عقيدته وسلوكه ومهاراته، مما يؤدي إلى بناء شخصية متوازنة وقادرة على الإبداع والابتكار والسعي فيما يصب بمصلحة الفرد والمجتمع.

أهمية القيم على المستوى الفردي:

  • للقيم قدرة على تشكيل شخصية مستقلة وتحديد السلوك الصادر عنه:

القيم ترفع وعي الفرد بذاته وإمكانياته، هذا الوعي يجبرنا على بذل كل ما في وسعنا للحفاظ على الحياة والنهوض بها.

  • تعطي الفرد إمكانية أداء ما هو مطلوب منه:

عند وعي الفرد بذاته وتمكنه من تقويم سلوكه سيتمكن من التجاوب مع الجماعة في مبادئها وعقائدها الصحيحة، والتكيف مع المتغيرات، وأداء ما هو مطلوب منه بإرادة حرة وعقل يقظ.

  • تحقق للفرد الإحساس بالأمان:

من خلال القيم التي يتبناها الفرد، سيتمكن من مواجهة جميع التحديات في حياته، وسيكون قادر على التعامل مع الأزمات وبالتالي سيستعين بها لمواجهة ضعف نفسه وتعزيز شعور الثقة والأمان.

  • تعطي للفرد فرصة للتعبير عن نفسه، مؤكدًا ذاته عن فَهم عميق لها، ولإمكانيَّاتها.

أهمية القيم على المستوى الاجتماعي:

  • تحفظ تماسُك المجتمع:

تحدِّد له أهداف حياته، ومثله العليا، ومبادئه الثابتة المستقرة التي تحفظ له هذا التماسك والثبات اللازمين لممارسة حياة اجتماعية سليمة.

  • تساعد المجتمع على مواجهة التغييرات التي تحدُث فيه:

بتحديدها الاختيارات الصحيحةَ التي تُسهل على الناس حياتَهم، وتحفَظ للمجتمع استقراره وكيانه في إطار موحد.

  • تربط أجزاء ثقافة المجتمع ببعضها حتى تبدو متناسقة، كما أنها تعمل على إعطاء النظم الاجتماعية أساسًا عقليًّا يُصبح عقيدة في ذهن أعضاء المجتمع المنتمين إلى هذه الثقافة.
  • تقي المجتمع من الأنانية المفرطة والنزعات والشهوات الطائشة:

حيث تحمل الأفراد على التفكير في أعمالهم على أنها محاولات للوصول إلى أهداف هي غايات في حد ذاتها، بدلاً من النظر إليها على أنها مُجرد أعمال لإشباع الرغبات والشهوات.

دور المعلم في تعليم القيم

يجب أن يكون تعليم القيم الأخلاقية إحدى أهم واجبات المؤسسات التعليمية، ولكن التطورات الحالية والتغييرات السريعة في الواقع التعليمي والمناهج الجديدة وخطط الدروس المكثفة والتخصصات المتنوعة؛ لم تدع للمعلمين إلا القليل من الوقت لتعليم الصدق والأخلاق والقيم الحميدة.

ولذلك واجب على جميع المؤسسات التعليمية التنبُّه على هذا الموضوع، وإعطاء أهمية أكبر لغرس وبناء القيم؛ وذلك عن طريق تعظيم دور المعلم والتأكيد على أثره في تعليم وغرس القيم في نفوس طلابه، ومساعدته لاكتشاف واتّباع طرق متطورة ومدروسة ومتنوّعة في دروسه، منها:

  1. على المعلم أن يُظهر سلوكًا شخصيًّا متوافقًا مع القيم المراد تعليمها:

القيم لا تتحقق من خلال فرض مجموعة من القواعد والقوانين على الطلبة، إنما يجب على المعلم أن يؤمن بهذه القيم ويظهرها في سلوكه وأفعاله وتعامله مع الطلاب.

  1. على المعلم توفير فرص للحوار والمناقشة حول الأبعاد القيمية:

من واجب المعلم أيضًا توفير الفرص، مما يسمح للتلميذ بتنفيذ مفاهيم أخلاقية جديدة للمشاكل الواقعية، ومساعدة الطلاب على استخدام التفكير المنطقي وإجراءات البحث العلمي في التعامل مع قضايا القيم.

  1. السعي لغرس القيم في نفوس الطلبة:

على المعلم أن يسعى لغرس القيم ومساعدة الطلبة على استيعابها من خلال رصد منظومة القيم السائدة بين الطلبة، وتصنيفها إلى قيم إيجابية يجب تعزيزها، وأخرى سلبية ينبغي محاربتها، والكشف عن أضرارها على الفرد والمجتمع.

  1. مساعدة الطلاب على إدراك قيمهم:

على المعلم مساعدة الطلاب على استخدام التفكير التحليلي والوعي العاطفي، لفحص مشاعرهم الشخصيّة وقيمهم وأنماط سلوكهم؛ من خلال تفعيل نشاطات مختلفة في الفصل تُحاكي أدوارًا مختلفة وتدفع الطالب للتفكر والتأمّل والتحليل الذاتي، أو عبر مناقشات ضمن مجموعات صغيرة.

للقيم دور أساسي في توجيه سلوك الفرد والجماعة، فهي تدفع الفرد إلى العمل وتوجه نشاطاته وتقوي إرادته. وتعتبر القيم فاعلاً أساسيًّا في تماسك المجتمع والمحافظة على وحدته، فهي أحد الروابط التي تربط الفرد بالجماعة وتدفعه إلى النظر في المصلحة العامة ولو على حساب مصالحه الذاتية.

مراجع المقال:

كتيب الإطار النظري لبرنامج سفراء التنمية، مركز حلول مبتكرة للتعليم، 2022.

Edwin, L. & Lease, B. Ethical Values in Education and Society. Scientific Review Paper.

Ethics Sage. 2022. What are Values?. [online] Available at: <https://www.ethicssage.com/2018/08/what-are-values.html> [Accessed 2 March 2022].